عمورة : قصّة اكتشاف النجم الجديد للمنتخب الجزائري
اجتمعت ظروف عدة لتُبرز موهبة فذّة، تنبأ لها المختصون والمتابعون بمستقبل كروي كبير : أزمة مادية في شبيبة جيجل موسم 2017/2018، و تواجد مدرّب “لا يُظلم عنده أحد” كرويا، يعرف الكرة ولعب كرة القدم في المستوى العالي، بخصوصيات قريبة للغاية من عمورة.
أشرف النجم السابق لشبيبة القبائل وشباب بلوزداد، منير دوب، على تدريب النادي الأول في مدينة جيجل الجميلة، وكان الفريق أمام حتمية ضمان البقاء، لكن الأزمة المالية الخانقة جعلت لاعبي الفريق الأول يقاطعون التدريبات والمباريات الرسمية.
بعد عدة محاولات لحل الأزمة باءت كلها بالفشل، اضطر دوب، الهداف السابق للشبيبة وبطل كأس الكاف ثلاث مرات تواليا، لاقحام الشبان في مواجهة نادي الرغاية، واعتمد على عمورة في الخط الأمامي لأول مرة وهو لم يتجاوز 17 سنة، وانهزم شبان جيجل بصعوبة.
في المباراة الموالية، واجهت شبيبة جيجل نادي وداد بوفاريك بتشكيلة منقوصة من النواة الأساسية للفريق، فكانت المباراة موعدا لبروز عمورة الذي سجل الهدف الوحيد للفريق بكيفية رائعة، ورغم هزيمة النمرة بهدفين لواحد، لفت تألق عمورة كل الأنظار.
صنع اللاعب الحدث بأدائه اللافت، فجاءت مباراة خميس الخشنة في بوروبة لتؤكد موهبة المهاجم الصغير الذي أعطى أولى المؤشرات عن مشروع لاعب كبير قادم، وجاء حينها عضو الطاقم الفني لمنتخب الناشئين، الدولي السابق حسين عشيو لمعاينة اللاعب، فجاءت الدعوة التي جعلت دوب يعفي اللاعب من المباراة الموالية.
عند عودة الأساسيين وحل أزمة الأجور والمنح، واصل دوب اعتماده على عمورة في التشكيلة الأساسية، ولحسن حظ الهداف الجديد للخضر أن مدربه كان عادلا، وتحمل مسؤوليته واكتشف فيه المهاجم الواعد، والمثير في الأمر أن دوب كان مهاجما بذات خصائص عمورة تقريبا، بقدراته الفنية وسرعته، وحسه التهديفي، فكبسولة الشبيبة كان هدافا في شباب بلوزداد وشباب باتنة وشبيبة القبائل، وعُرف بأهدافه الحاسمة وحصيلته التهديفية التي تعطي الانطباع أنه قلب هجوم، رغم كونه لاعب جناح، يُحسن التموقع في منطقة العمليات لاستغلال أنصاف الفرص.
جماهير شبيبة جيجل اكتشفت موهبتها التي غادرت سريعا نحو وفاق سطيف، لتنطلق المسيرة الفعلية للاعب خدمته الظروف، لحسن حظ الكرة الجزائرية، من إضراب الأساسيين إلى تواجد مدرب اعتمد عليه رغم صعوبات وضغوطات الدرجة الثالثة.
قصة تكشف مدى أهمية تواجد أشخاص بشخصية قوية ونظرة فنية ثاقبة، تعكس مشوارا كرويا حافلا، لأن الدخلاء والفاشلين وعديمي الكفاءة والشخصية يحرمون نوادينا من عدة مواهب تفوق عمورة وغيره في كل شيء، فما أحوجنا إلى الرجل المناسب في المكان المناسب، على أمل بروز أجيال جديدة ترفع مستوى كرتنا “المريضة”.
نقلا عن خالد معزوزي
