تعرف على ثورة غاري ساوثغيت مع منتخب إنكلترا.

بعد تعاقد الإتحاد الإنجليزي مع ساوتغيث كمدرب، أول شيء قام به هو تقسيم فريقه إلى أربع إتجاهات، الفريق الأول بقيادته شخصيا رفقة مساعديه و أهمهم ستيف هولاند، عملهم خاص في تحليل المباريات و إنتقاء الأسماء الخاصة بالقوائم و غيرها من الأمور الطبيعية لأي طاقم فني.

الفريق الثاني، مسؤول فقط على التنقل لمشاهدة و تحليل كل المنتخبات التي من المحتمل أن تواجه منتخب إنكلترا، ليس فقط من ستواجه إنكلترا بل المحتملة أيضا، مثلا إنكلترا في هذه النسخة من اليورو واجهت سلوفاكيا في ثمن نهائي، مسبقا الطاقم قد جلب كل شيء عن هذا المنتخب قبل الدورة + مبارياتهم أثناء الدورة .

الفريق الثالث سمي بمركز المحوري، ساوثغيت عين شخص إسمه ريس لونغ مختص في تحليل كل ما يتعلق بالداتا، البيانات و الإحصائيات، كل التفاصيل الصغيرة و الكبيرة بمنتخب إنكلترا و خصومه .

الفريق الرابع عمله يقتصر على البحث على التفاصيل الصغيرة التي قد لا يراها طاقم ساوثغيت، كل هذا من أجل أن يحد ساوثغيت من الصدفة، حتى أن هناك شخص من داخل الإتحادية الإنجليزية إنبهر من عمل ساوثغيت و الفرق الأربعة، أبدى تعجب شديد من دقة المعلومات و التفاصيل .
في دوري المجموعات يورو 2020، إنكلترا وقعت في مجموعة تضم التشيك، كرواتيا و إسكتلندا، أول مباراة كانت ضد كرواتيا، جاء ريس لونغ و تكلم مع ساوتغيث هل تذكر كيف فازت علينا كرواتيا قبل عامين في نصف نهائي المونديال ؟ بكرة عرضية من الجهة اليسرى، في مباراة كانت إنكلترا هي الطرف الأفضل.

لذلك ريس لونغ نصح ساوتغيث بإدخال تريبييه كظهير ٱيسر و والكر كظهير أيمن، السبب أن عرضيات كرواتيا غالبا ستكون مقوسة للداخل أي أن اللاعب الذي سيقوم بالعرضية سيفتح على قدمه القوية (اليسرى) بالتالي بتواجد تريبييه كظيهر أيسر أثناء مواجهة عرضيات كرواتيا سيرتكز على قدمه الأقوى (اليمنى) ليس مثل ظهير أيسر سيرتكز على قدمه الأضعف .

طبق ساوتغيث هذا الأمر و فازت إنكلترا 1-0، في المباراة الثانية ضد إسكتلندا، عاد ساوتغيث ليلعب بشكل عادي ريس جيمس على اليمين و شيلويل على اليسار، في المباراة الثالثة أمام التشيك غير الرسم التكتيكي إلى ثلاثي في الخلف و لعب ساكا جناح خلفي ٱيسر .
ريس لونغ حلل آخر أبطال البطولات المصغرة ليعرف أسرار تتويج هذه المنتخبات، وجد أن فرنسا (كاس العالم 2018) و البرتغال (2016) حققوا 4 كلين شيت من أصل 7 مباريات، أي أن التنظيم الدفاعي كان كلمة السر .

في يورو 2020 التي وصلت فيه إنكلترا إلى المباراة النهائية حققت 5 كلين شيت، إستقبلت هدفين فقط في البطولة و كلاهما من مواقف ثابتة (مخالفة مباشرة أمام الدنمارك، ركنية أمام إيطاليا)، أي 0 هدف من لعب مفتوح و هو رقم رهيب جدا .

في كاس العالم 2022 حققت إنكلترا 3 كلين شيت من أصل 5، لم تستقبل شباك إنكلترا إلى هدف واحد في دوري المجموعات من لعب مفتوح و هدفين أمام فرنسا في الإقصائيات، في مباراة كانت إنكلترا الطرف الأفضل فيها و لكن لا أحد سيتذكر ذلك، هذا تماما ما حاول إجتنابه ساوثغيت في هذه النسخة .

ساوثغيت إكتوى من تقديم كرة قدم إستباقية جذابة و في الأخير يخسر، كرواتيا نصف نهائي المونديال 2018، إيطاليا نهائي يورو 2020، ثم فرنسا في ربع نهائي المونديال 2022، لذلك قرر أن يغيرو هذا الأمر، لا يعطي أولوية للكرة الممتعة و الجذابة، بقدر ما يعطي أهمية لكيفية تحقيق الفوز و التأهل .

لذلك في هذا اليورو، قدمت إنكلترا أداء غير جاذب، متوسط، لكن وصلت إلى النهائي، لم تستقبل أي هدف في دوري المجموعات إلا من تسديدة بعيدة أمام الدنمارك في سيناريو مشابه لهدف دامسغارد في نصف نهائي يورو 2020 و هدف تشواميني في ربع نهائي كاس العالم!.

معلومة أخرى، إنكلترا قبل ساوتغيث لعبت 8 ركلات ترجيحية، خسرت 7 و إنتصرت في واحدة، صنفت أضعف نسبة في تاريخ المنتخبات التي تصل إلى ركلات الترجيح، مع ساوتغيث لعبت إنكلترا ثلاث ركلات ترجيحية فازت في إثنين و خسرت واحدة، أي ما يعادل ضعف ما حققته إنكلترا في سلسلة ركلات الترجيح قبل ساوثغيت، و هذا ليس بمحظ الصدفة .

الفريق الذي أتى به ساوثغيت بقيادة ريس لونغ، حلل جميع ركلات الترجيح السابقة، وجد عدة نقاط ضعف في المنتخب الإنجليزي طورهم، من بينهما أن لاعبي إنكلترا يسددون بمعدل سريع بعد صافرة الحكم و ذلك الإندفاع سبب كبير في تضييع الركلات، فقام ساوثغيت بتطوير هذه النقطة ( هم خمس نقاط تم العمل عليهم، أنا شرحت واحدة حتى لا أطيل أكثر) طبعا قد يتسٱل البعض لكن إنكلترا خسرت نهائي يورو بضربات الترجيح ؟، نعم هذا صحيح لكن المدرب و فريق العمل يعمل على زيادة نسبة الفوز و ليس ضمان الفوز .

إنكلترا حققت أول فوز لها في ركلات الترجيح في كاس العالم مع ساوتغيث في نسخة 2018، بعد إقصائها كولومبيا في ثمن نهائي، حققت ثاني فوز في تاريخها في ركلات الترجيح في اليورو بعد إقصائها سويسرا في هذه النسخة، بعد عمل رائع من لونغ في وضع المعلومات في قارورة مياه بيكفورد و إنتقاء ساوثغيت أسماء مختصة في التسديد و سجلت إنكلترا جميع الركلات 5/5، في حين حتى الهزيمة الوحيدة أمام إيطاليا في ضربات الترجيح كانت بعد التقدم في السلسلة .

إنكلترا في هذه النسخة تٱخرت في جميع المباريات الإقصائية و عادت في جميع المباريات كٱول منتخب يحقق ذلك في التاريخ، حتى مع إسبانيا كاد يعود في مرتين و ليس مرة واحدة، تغييرات ساوثغيت كانت تعطي المفعول دوما لكن لا أحد تحدث عن ما قام به .

إنكلترا مع ساوتغيث وصلت أول نهائي يورو و هو أول مدرب يصل مع إنكلترا إلى نهائيين، و تواليا أيضا، معه إنكلترا لم تغادر المربع الذهبي لأي بطولة كبرى بإستثناء مونديال قطر أمام حامل اللقب، قبل ذلك إنكلترا لم تحقق أي لقب سوى 1966 و الذي كان بفضيحة تحكيمية يعرفها العام و الخاص، غير ذلك إنكلترا حصلت على أفضل من هذا الجيل، على سبيل المثال 2006 و خسرت في ربع نهائي كاس العالم و ربع نهائي اليورو و لم تحقق أي شيء يذكر .

معلومة ختامية : إنكلترا جميع المباريات التي خسرتها في البطولات الكبرى كانت هي الطرف الأفضل فيها، (كرواتيا 2018، فرنسا 2022، إيطاليا 2021) الإستثناء كان مع اسبانيا لأنه الفريق الأفضل و الأمتع و الأقوى في البطولة و خسارة إنكلترا كانت مستحقة، قليلة هي المباريات التي لعبتها إنكلترا ساوثغيت جيدا و فازت فيها، ربما واحدة او اثنين أوكرانيا ربع نهائي يورو 2020 و ضف عليها مباراة هولندا في هذه النسخة .

Faid Analyste – تحليلات فائد