في إحصائية تعكس عمق التنوع الجيلي داخل المنتخب الوطني الجزائري، تبرز قصة مذهلة تربط بين الماضي والحاضر، بين الخبرة والشباب، في مشهد كروي يختصر رحلة عقد كامل من التطور والتجديد.
الرقم الذي يحكي التاريخ
عندما خطا كل من نبيل بن طالب وعيسى ماندي خطواتهما الأولى مع المنتخب الوطني في 5 مارس 2014 أمام سلوفينيا، كان إبراهيم مازا – الذي يقف اليوم كأحد أبرز المواهب الشابة في قائمة بيتكوفيتش – مجرد طفل في الثامنة من عمره يحلم ربما بارتداء قميص الخضر يوماً ما.
اليوم، وبعد أكثر من عقد من الزمن، يجمع المنتخب الجزائري بين هؤلاء اللاعبين في قائمة واحدة، في مشهد يعكس الاستمرارية والتجديد معاً.
قادة الخبرة في المقدمة
عيسى ماندي (33 سنة) يقف اليوم كأقدم لاعبي المنتخب سناً، حاملاً في جعبته 105 مباراة دولية تشكل خزانة خبرة لا تقدر بثمن. هذا الرقم الاستثنائي يضعه في مصاف أساطير الكرة الجزائرية، ويجعل منه مرجعاً لا غنى عنه للأجيال الجديدة.
نبيل بن طالب (30 سنة) يأتي في المرتبة الثانية من ناحية السن، مع رصيد محترم من 53 مباراة دولية، ليشكل مع ماندي الثنائي الأكثر خبرة في تشكيلة بيتكوفيتش الحالية.
في المقابل، يمثل إبراهيم مازا وجيله الجديد من اللاعبين الشباب مستقبل الكرة الجزائرية. هؤلاء اللاعبون الذين كانوا يتابعون مباريات ماندي وبن طالب من المدرجات أو عبر شاشات التلفزيون، باتوا اليوم يقفون إلى جانبهم في نفس غرفة الملابس، يتشاركون نفس الحلم ونفس الهدف.
التحدي الفني لبيتكوفيتش
هذا التنوع العمري الكبير – الذي يصل إلى 25 سنة بين أكبر وأصغر لاعبي المنتخب – يضع المدير الفني فلاديمير بيتكوفيتش أمام تحدٍ فني واجتماعي مزدوج:
فنياً: كيف يوازن بين الاستفادة من خبرة الجيل الذهبي الذي حقق إنجازات مهمة للمنتخب، وبين إدماج الدماء الجديدة التي تحمل الطموح والحيوية؟
اجتماعياً: كيف يدير مجموعة تضم لاعبين من أجيال مختلفة تماماً، لكل منها خصائصه وطموحاته ونظرته للعبة؟
تشكل هذه التركيبة فرصة استثنائية لنقل الخبرة والمعرفة من الجيل المخضرم إلى الجيل الصاعد. عيسى ماندي بمبارياته الـ105 يمكنه أن يكون بمثابة “المعلم” للاعبين مثل مازا، الذي يخطو خطواته الأولى مع المنتخب.
في نهاية المطاف، تبقى قصة المنتخب الجزائري اليوم قصة انتقال جيلي بامتياز. من الطفل الذي كان يبلغ 8 سنوات عندما لعب بن طالب وماندي أول مباراة لهما، إلى اللاعب الشاب الذي يقف اليوم معهما في نفس الفريق، تتجسد فكرة الاستمرارية والتجديد في أبهى صورها.
هذا التنوع الجيلي ليس مجرد رقم أو إحصائية، بل هو رمز لقوة الكرة الجزائرية وقدرتها على تجديد نفسها مع الحفاظ على جذورها وتقاليدها. وفي ظل قيادة بيتكوفيتش الحكيمة، يمكن لهذا المزج بين الأجيال أن يكون المفتاح لتحقيق النجاحات المنتظرة في المحافل القارية والدولية.