يبدو أن المدرب السويسري فلاديمير بيتكوفيتش، المسؤول عن تدريب المنتخب الجزائري، عازم على مواصلة سياسة المرونة التي اعتمدها منذ توليه المهمة، حيث تستعد التشكيلة الوطنية لاستقبال الحارس المخضرم ألكسندر أوكيدجا ضمن القائمة التي ستخوض المعسكر التحضيري لشهر يونيو/حزيران القادم، رغم عدم مشاركته مع ناديه ميتز الفرنسي منذ فترة طويلة. هذا القرار الذي وصفته صحيفة “كومبيتسيون” الجزائرية بـ”الهدية الأخيرة” لأوكيدجا، يعكس فلسفة بيتكوفيتش في التعامل مع بعض اللاعبين الذين يعتبرهم عناصر مهمة داخل غرفة الملابس، حتى وإن كانوا يعانون من نقص في الدقائق التنافسية مع أنديتهم.
سياسة الاستثناءات.. بين الدعم الرياضي والجدل التكتيكي
لا يخفي بيتكوفيتش تمسكه ببعض الاستثناءات في قائمته، حيث سبق أن أدرج لاعبيْن آخرين ضمن هذه السياسة، وهما الظهير الأيمن يوسف عطال ووسط الميدان الهجومي فارس شايبي، رغم أن كليهما مرا بفترات صعبة على المستوى الكروي. المدرب السويسري برر اختيارهما في أكثر من مرة بأنه يهدف إلى “دعمهما لرفع التحدي”، معتبراً أن مثل هذه الخطوات تساعد اللاعبين على استعادة ثقتهم والعودة إلى مستوياتهم المعتادة. لكن قرار إدراج أوكيدجا هذه المرة يبدو أكثر إثارة للجدل، خاصة أن الحارس البالغ من العمر 35 عاماً لم يشارك في أي مباراة رسمية مع ميتز منذ أشهر، مما يطرح تساؤلات حول مدى استعداده البدني والفني لتمثيل المنتخب في حالات الطوارئ.
أوكيدجا.. القيمة المعنوية فوق التنافسية
يبدو أن بيتكوفيتش ينظر إلى أوكيدجا من زاوية مختلفة، فهو لا يعتبره مجرد حارس مرمى، بل عنصراً أساسياً في تحقيق الاستقرار النفسي داخل التشكيلة، خاصة في علاقته مع باقي حراس المرمى مثل أنطوني ماندريا وعز الدين دوخة. وقد أكد المدرب السويسري في أكثر من تصريح سابق أنه “يريد دعم أوكيدجا بسبب الروح الإيجابية التي يضفيها على المجموعة”، مما يشير إلى أن القيمة المضافة للحارس المخضرم تتجاوز الأداء داخل المستطيل الأخضر إلى الجانب المعنوي والقيادي. ومع ذلك، يبقى السؤال مطروحاً: هل يمكن الاعتماد على لاعب يفتقر إلى النشاط الكروي في معسكرات قد تتطلب استدعاءه في أي لحظة، خاصة مع اقتراب تصفيات كأس العالم 2026؟
المعسكر القادم.. اختبار حقيقي لسياسة بيتكوفيتش
سيشهد المعسكر القادم للمنتخب الجزائري خوض مباراتين وديتين، وهما الفرصة المثلى لبيتكوفيتش لتقييم مدى جدوى سياسة الاستثناءات التي يتبناها. فإذا كان إدراج عطال وشايبي قد أثمر عن تحسن في أدائهما، فإن حالة أوكيدجا تبقى أكثر تعقيداً، نظراً لطبيعة مركز حراسة المرمى الذي يتطلب لياقة بدنية عالية وقدرة على التكيف السريع مع متطلبات المباريات الدولية. الصحيفة الجزائرية أشارت إلى أن بيتكوفيتش “لا يصنف أوكيدجا كحارس أساسي”، لكن مجرد وجوده في القائمة يعني أن المدرب السويسري ما زال يعول على خبرته في قيادة المجموعة، وربما إعداد الجيل الجديد من الحراس لمرحلة ما بعد أوكيدجا.
بين المرونة والمخاطرة
قرار بيتكوفيتش بإدراج أوكيدجا في القائمة القادمة يلخص فلسفته القائمة على الموازنة بين الجانب الرياضي والمعنوي، لكنه يظل قراراً مجازفاً في نظر الكثيرين، خاصة مع وجود حراس شباب مثل دوخة الذين يحتاجون إلى فرص أكثر للتراكم الخبرة. إذا كان الدعم المعنوي للاعبين المخضرمين مطلوباً، فإن المنتخب الجزائري، الذي يطمح إلى المنافسة في المحافل الكبرى، يحتاج أيضاً إلى تشكيلة تعتمد بالدرجة الأولى على لاعبين في ذروة نشاطهم التنافسي. المعسكر القادم سيكون محكاً حقيقياً لمدى صوابية هذه السياسة، وسيكشف هل كانت “الهدية الأخيرة” لأوكيدجا خطوة ذكية لتعزيز التماسك الداخلي، أم مجرد قرار عاطفي قد يثقل كاهل التشكيلة في الأوقات الحاسمة.