شهدت القائمة الأخيرة للمنتخب الجزائري، التي أعلنها المدرب فلاديمير بيتكوفيتش لخوض مباراتي بوتسوانا وموزمبيق ضمن تصفيات كأس العالم 2026، غياباً شبه كامل لنجوم الدوري المحلي، باستثناء المدافع المخضرم محمد الأمين مداني (31 عاماً) من شبيبة القبائل، مما أثار موجة من التساؤلات والجدل بين الجماهير الجزائرية حول أسباب هذا التوجه.
يبدو أن المدرب السويسري قد اختار الاستمرار بنفس النهج الذي اعتمده في السابق، مفضلاً الاعتماد على التشكيلة التي يعرفها جيداً والتي تتكون أساساً من لاعبين محترفين في الدوريات الأوروبية والعربية، وهو ما يعكس رغبته في الحفاظ على الاستقرار والانسجام بين عناصر الفريق في مرحلة حاسمة من التصفيات.
لكن هذا القرار لم يمر دون انتقادات، خاصة أن الدوري الجزائري يضم عدداً من الأسماء المتألقة التي كان يُفترض أن تحظى بفرصة لإثبات نفسها على المستوى الدولي، مثل حارس مرمى اتحاد العاصمة أسامة بن بوط، وهداف البطولة عادل بولبينة من بارادو، وظهير مولودية الجزائر محمد رضا حلايمية، ومدافع أولمبي الشلف أشرف عبادة، الذين قدموا مستويات لافتة هذا الموسم.
وفي الوقت نفسه، يبدو أن التنسيق مع مدرب منتخب المحليين مجيد بوقرة قد لعب دوراً محورياً في هذا الاستبعاد، حيث تقرر ترك هؤلاء اللاعبين تحت تصرف المنتخب المحلي الذي يستعد لخوض تصفيات بطولة أمم إفريقيا للمحليين “الشان” وكأس العرب، وهو تبرير قد يكون منطقياً من الناحية الاستراتيجية، لكنه لم ينجح في تهدئة غضب الجماهير التي ترى في هذا القرار تجاهلاً للمواهب المحلية الواعدة.
لم تتردد الجماهير الجزائرية في توجيه انتقادات لاذعة لخيارات بيتكوفيتش، مركزة على عدة نقاط أثارت استياءها، أبرزها الاعتماد المستمر على لاعبين يعانون من تراجع واضح في مستواهم مثل سعيد بن رحمة، الذي لم يعد يقدم الأداء الذي كان يُعرف به في السابق، مما جعل الكثيرين يتساءلون عن جدوى التمسك به في ظل وجود بدائل أكثر جاهزية.
كما أعربت الجماهير عن استغرابها من تجاهل أسماء متألقة في الدوريات الأوروبية مثل المدافع صهيب ناير، الذي كان يُمكن أن يشكل حلاً للمشاكل الدفاعية التي يعاني منها المنتخب في الفترة الأخيرة، خاصة مع الحاجة الملحة لتعزيز خط الخلف في مواجهة منافسين أقوياء في التصفيات. وأكثر ما أثار الجدل هو استبعاد هداف الدوري الجزائري عادل بولبينة، الذي يتصدر ترتيب الهدافين مع نادي بارادو، حيث كان يُنظر إليه كإضافة هجومية محتملة قادرة على إنعاش خط المقدمة الذي يفتقر أحياناً إلى الحلول الفعالة.
هذه الانتقادات لم تقتصر على وسائل التواصل الاجتماعي فقط، بل امتدت إلى المناقشات في الأوساط الرياضية، حيث يرى البعض أن بيتكوفيتش يتبع نهجاً محافظاً قد لا يتماشى مع طموحات الجماهير التي تتطلع إلى رؤية دماء جديدة في المنتخب، بينما يدافع آخرون عن رؤيته معتبرين أن الاستقرار في التشكيلة هو الخيار الأنسب في مرحلة التصفيات الحاسمة. ومع اقتراب موعد المباريات الرسمية، يبقى الحكم النهائي مرهوناً بالنتائج التي سيحققها المنتخب، لكن الجدل الحالي يعكس بوضوح الانقسام بين مؤيد لسياسة المدرب ومعارض يرى فيها إغفالاً للمواهب المحلية التي تستحق فرصة عادلة للمساهمة في مسيرة “الخضر” نحو مونديال 2026.