شهدت الساحة الكروية الفرنسية هذا الأسبوع مشاهد مؤثرة من الحزن والأسى بين جماهير نادي سانت إيتيان العريق، وذلك بعد الإعلان الرسمي عن مغادرة المدرب الشاب رزيق نيدر للنادي الذي أمضى فيه أربعة عشر عاماً كاملاً من العطاء والتألق في مجال تكوين الشباب.
جاءت هذه المشاعر الجياشة لتؤكد المكانة الخاصة التي يحتلها المدرب الجزائري-الفرنسي في قلوب محبي الفريق الأخضر، حيث لم يتردد الأنصار في التعبير عن حزنهم العميق من خلال رفع راية عملاقة خلال مواجهة الفريق أمام باريس سان جيرمان، حملت رسالة شكر وتقدير للمدرب الشاب الذي غادر ليتولى مهمة جديدة مع اتحاد الكرة الجزائري.
تعد مسيرة رزيق نيدر في نادي سانت إيتيان قصة نجاح استثنائية في مجال تكوين المواهب الشابة، حيث بدأ رحلته مع النادي الفرنسي عام 2009 وهو في مقتبل العمر، ليتدرج عبر السنوات في تحمل المسؤوليات التدريبية حتى أصبح أحد أهم الأسماء في مجال إعداد الناشئين.
لم تكن سنوات عمله في سانت إيتيان مجرد وظيفة اعتيادية، بل تحولت إلى إرث تدريبي مميز تمثل في إشرافه على جميع الفئات العمرية للنادي، بدءاً من الفئات الصغرى ووصولاً إلى الفريق الرديف، حيث استطاع خلال هذه الرحلة الطويلة أن يترك بصمة واضحة في مسيرة العديد من اللاعبين الذين تحولوا لاحقاً إلى نجوم عالميين.
يشكل تعيين رزيق نيدر على رأس المنتخب الجزائري تحت 20 سنة جزءاً من الاستراتيجية الجديدة التي ينتهجها اتحاد الكرة الجزائري برئاسة وليد صادي، والتي تهدف إلى إعادة إحياء منتخبات الشباب بعد سنوات عجاف من التراجع والنتائج المخيبة للآمال.
يأتي هذا التعيين في إطار خطة طموحة تعتمد بشكل أساسي على الاستفادة من الكفاءات الجزائرية في الخارج، حيث سبق أن عين الاتحاد المدرب علي موسر على رأس المديرية الفنية الوطنية، في سلسلة من الخطوات التي تعكس تغيراً جذرياً في النهج المتبع لإدارة الكرة الجزائرية.
يواجه رزيق نيدر في مهمته الجديدة تحديات كبيرة ومتعددة، يأتي في مقدمتها مهمة إعادة الروح لمنتخبات الشباب الجزائرية التي عانت لسنوات طويلة من تراجع مستواها وغياب الرؤية الواضحة. ستكون أولى هذه التحديات هي استغلال الطاقات الجزائرية الموجودة في الداخل والخارج على حد سواء، والعمل على بناء جيل جديد قادر على المنافسة في المحافل القارية والعالمية. كما سيكون عليه العمل على تطوير منظومة متكاملة للكشف عن المواهب وصقلها، مستفيداً من خبرته الطويلة في هذا المجال مع نادي سانت إيتيان.
تكتسب شخصية رزيق نيدر أهمية خاصة نظراً لامتلاكه الجنسيتين الفرنسية والجزائرية، مما يمنحه فهماً عميقاً لخصوصية العمل في البيئتين الأوروبية والإفريقية. يتمتع المدرب الشاب الذي يبلغ من العمر 38 عاماً فقط بخبرة كبيرة في مجال تكوين الشباب، ويعد من المدربين الواعدين الذين يتمتعون بسمعة طيبة في الأوساط الكروية الأوروبية. وقد برز اسمه بشكل لافت خلال السنوات الأخيرة بسبب مساهمته في تطوير العديد من المواهب التي لمعت في الدوري الفرنسي وبطولات أوروبا الكبرى.
تنعقد الآمال الكبيرة على عاتق رزيق نيدر في قيادة مرحلة جديدة لمنتخبات الشباب الجزائرية، في وقت تشهد فيه الكرة الجزائرية نهضة ملحوظة بقيادة المنتخب الأول الذي حقق نتائج مميزة تحت قيادة المدرب بيتكوفيتش. يأمل اتحاد الكرة أن يشكل تعيين نيدر حجر الأساس في بناء منظومة متكاملة للشباب، يمكنها أن تزود المنتخب الأول بالمواهب الجديدة بشكل مستمر، وتعيد الجزائر إلى منصات التتويج في البطولات الإفريقية والعالمية للشباب.